قبل الدخول في أسباب قوة العملة وضعفها، لنعرف ماهي العملة. العملة هي ورقة مالية محددة القيمة مضمونة بحكم القانون من قبل مصدرها وعادة تصدرها البنوك المركزية للدول،
ويوجد عددا من العوامل التي تحدد قيمة أي عملة في العالم، في مقدمتها العوامل الاقتصادية بجانب العوامل السياسية والعسكرية أيضا.
فبخصوص العوامل الاقتصادية تحدد أسباب قوة العملة وضعفها بقيمة العملة تتحدد بما لدى هذا البلد من ثروات واحتياطات طبيعية (غاز، نفط، معادن…) وبشكل أشمل بما لدى الدولة من أصول أيا كان مصدرها. كما تستند قيمة وقوة العملة أيضا إلى حجم الاحتياطات النقدية، والقدرة الإنتاجية والتصديرية للبلاد.
وثمة عوامل سياسية تدعم مكانة العملة، مثل القوة العسكرية والانتشار الجغرافي للدولة وربط تجارة بعض السلع المهمة في العالم (النفط نموذجا) بعملة معينة، كما هو الحال في الدولار الأميركي.
سعر العملة
إن الذي يحدد أسباب قوة العملة وضعفها هو معرفة سعر العملة في الأسواق أي العرض والطلب على هذه العملة، كأي سلعة في الأسواق.
ويضيف أن هناك عوامل كثيرة تتحكم في هذا العرض والطلب، بعضها يرتبط بأداء الاقتصاد الحقيقي للدولة وقطاعاتها الإنتاجية والخدمية، والبعض الآخر يتعلق بممارسات خطرة كالمضاربات على العملات وأوراق الدين، بالإضافة إلى عوامل سياسية.
مؤشر يقيس قوة العملات
ومن اهم ما يبحث عنه المستثمرين عن مؤشر ما مهمته الاساسية قياس قوة العملات , ولعل من اهم هذه المؤشرات هو مؤشر الدولار اندكس , فتعريف مؤشر الدولار اندكس بكل بساطة هى قياس اداء الدولار الامريكي في مقابل سلة العملات الرئيسية والمكونة من الدولار الكندى والفرنك السويسري والدولار الاسترالى والدولار النيوزلندي والين الياباني والجنيه الاسترليني واليورو الاوروبي .
فعندما يتحرك مؤشر الدولار اندكس نحو الارتفاع فمعنى ذلك ارتفاع اسعار الدولار الامريكي في مقابل جميع هذه العملات الامر الذي يشير الى ايجابية الاقتصاد الامريكي خلال هذه الفترة , وفي حال تحركت الاسعار نحو الهبوط فمعنى ذلك تراجع اسعار الدولار الامريكي في مقابل سلة العملات
أسباب قوة العملة وضعفها
المعاملات مع الخارج
من بين العوامل التقليدية القابلة للقياس التي تتحكم في سعر العملة، نجد وضع الميزان التجاري للبلد.
فكلما كانت الصادرات أقوى من الواردات كلما شهدت العملة المحلية طلبا أكبر، والعكس صحيح كلما اختل الميزان التجاري لصالح الشركاء التجاريين كلما تراجع الطلب على العملة ودفع سعرها إلى الهبوط أمام العملات الأجنبية الأخرى.
ويؤكد الخبير المصرفي عمرو السيد هو الآخر أنه عندما تصدر دولة ما أكثر مما تستورد فإنها تحقق عائدا ماليا، وهذا يؤدي إلى زيادة الطلب على عملتها ويزيد من القيمة السوقية لهذه العملة.
لكن عندما تستورد أكثر مما تصدر هذا يؤدي إلى انخفاض الميزان التجاري وبالمقابل ميزان المدفوعات (العمليات المالية بين الدول) من ثم انخفاض القيمة السوقية للعملة وربما إلى انهيارها في حال تفاقم اختلال هذا الميزان.
أكلما تفاقم العجز التجاري ولم تستطع الدولة مواجهته كلما أثر ذلك على قيمة العملة بهذه الدولة.
ويبرر ذلك بكون السلطات تضطر إلى زيادة اللجوء إلى القروض وبالتالي زيادة الفوائد ومن ثم التضخم.
اقرأ أيضاً: نماذج هارمونيك و أهم 4 اشكال نماذج الهارمونيك
التضخم وأسعار الفائدة
كذلك من أسباب قوة العملة وضعفها هو اختلال في الميزان التجاري للبلد يدفع الأسعار نحو الارتفاع محليا بسبب زيادة تكلفة الاستيراد، ما يؤثر على قيمة العملة.
ويشير –بالمقابل- إلى أنه كلما زاد إنفاق الدولة على البنية التحتية كلما تسارعت معدلات النمو الاقتصادي وزاد معه الطلب الداخلي والأسعار تباعا، مما يجعل السلطات النقدية تلجأ إلى زيادة أسعار الفائدة لامتصاص السيولة من الأسواق ومن ثم دفع التضخم إلى الانخفاض نحو معدلات معقولة.
بدوره يؤكد عمرو السيد أن عامل التضخم له أثر حاد على أسباب قوة العملة وضعفها، فكلما ارتفع كلما تحولت شهية المتعاملين نحو شراء العملات الأجنبية على حساب نظيرتها المحلية وذلك للحفاظ على قيمة ما يملكون.
ويقول إن هذا التحول صوب العملات الأجنبية “كملاذات آمنة” يدفع العملات المحلية إلى الانخفاض وربما إلى الانهيار.
وفي السياق أيضا اأن من العوامل التي تؤدي إلى انهيار العملة هو اختلال القوة الشرائية، مما يعني إقبال الأفراد على العملات الأجنبية في مقابل تراجع الطلب على العملة المحلية.
المضاربات
مثلا إن أسباب قوة العملة وضعفها بالنسبة للعملة التركية ،حيث كان تراجع العملة التركية على سبيل المثال يرتبط بعوامل غير اقتصادية، من قبيل توجه بعض الدول والبنوك للمضاربة على الليرة.
ويؤكد أن العملة القطرية تعرضت في بداية الحصار المفروض عليها إلى حالة مضاربة، لكن قطر نجحت في مواجهة ذلك بفضل الاحتياطات النقدية الكبيرة التي يتمتع بها صندوقها السيادي.
المحلل المالي طه عبد الغني أكد هو الآخر أن المضاربات هي أهم أسباب قوة العملة وضعفها وكان لها دور كبير في أزمة النمور الآسيوية في التسعينيات (اقتصادات تايوان، سنغافورة، هونغ كونغ، كوريا الجنوبية التي قفزت بشكل كبير).
ويعتقد أن هذه العمليات الخطرة ربما تكررت مع قطر وتركيا في الوقت الحالي، حيث دخلت بنوك على الخط لتمويل المضاربة بالهامش ليس على العملات المحلية فقط بل على سندات الدين أيضا.
العوامل السياسية
من أسباب قوة العملة وضعفها هي العوامل السياسية، وبعيدا عن العوامل الاقتصادية التقليدية والممارسات المالية الخطرة يعتقد طه عبد الغني أن الظروف السياسية وتوقعات المستثمرين بناء على مستوى الاضطرابات السياسية تؤثر على قوة العملات.
ويؤكد أن توقعات المستثمرين بشأن تدفق رؤوس الأموال نحو بلد ما أو خروج هذه الأموال في المستقبل هي من تحدد تحركات هؤلاء المستثمرين بيعا وشراء للعملات.
كما يعتقد عمرو السيد أيضا أن الحروب الاقتصادية والعقوبات والخلافات السياسية وتقلبات أسواق المال، على خلفية ذلك تدفع إلى انخفاض أو انهيار قيمة العملات.
ويتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الغرب بالتآمر على العملة التركية للإضرار باقتصاده، ويعتقد أنها “ليست مسألة دولار أو يورو أو ذهب، ولكنها حرب اقتصادية ضدنا واتخذنا التدابير اللازمة لمواجهتها”.
وباللهجة نفسها اعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي أن بلاده تواجه “حربا اقتصادية” من أعدائها، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية التي فرضت عقوبات على إيران على خلفية الملف النووي الإيراني.